" حتى تنال عفواً ….. "



حتى تكون محظوظاً ، ومن الشرور محفوظاً ، وحتى تسلم من عثرات الزمان ، وزلات اللسان ، فتكون آمناً من نوائب الدهر ، سالماً مصائب العصر ، متسلحاً بالفيتو ، متحصناً كتيتو ، فلا يخيفك القضاء ، ولا الهيئة الشماء ، فتضرب بالكل عرض الحائط ، وإن كان الخصم ذو مكانة وضابط ، فتفعل ما تشاء ، ثم تخرج من العقوبة باستثناء ، فما عليك إلا إتباع هذه النصائح الثمينة ، وهذه التوجيهات " الذهينة " ، واعلم أنه يشترط لها الدقة ، وإن كان فيها عسر ومشقة ، كما يراد منك التطبيق ، لكل ما رُقِم أيها الرفيق :


1. كن على علاقة بمؤسسات حقوق الإنسان الدولية ، وضمّن قضيتك ما يوافق أفكار هم ، وبعض ما يتهموننا به كــ( الإرهاب ، والكراهية ، والتمميز ، والمرأة ) ثم انتظر فزعة شرطي المنطقة ، أما إن استصرخت بعض رموزهم باسمه ، فقد لبي نداؤك ، واستجيب دعاؤك ، وعفي عنك ، ولا تسأل لماذا وكيف ، فعاداتنا إكرام الضيف !


2. أما إن تورطت بإهانة المقدسات ، وإقامة المظاهرات ، والمطالبة بالانفصال ، وبليت بانتماءات خارجية ، وتنظيمات تخريبية ، أو إقامة حفلات دعارة جماعية ، وتدنيس لمسجد خير البرية ، فلا فكاك من هذه المصائب إلا بالتشيّع ، وبعده يأتيك العفو على طبق من ذهب ، وحبة رأس وقليل من العتب .



3. أما إن كنت لاعباً شهيراً ، فعربد في كل مكان ، وسربت فلك الآمان ، سواء كان فجورك في السر أو في العلن ، فلا تخف من الهيئات ، ورجال الأمن والدوريات ، فكلهم كاذب إلا أنت ، وكلهم مرتزق وباحث عن الشهرة إلا جنابك ، وكلهم يريد الإساءة للمجتمع وتشويهه إلا أنت ، فأنت من رفع رؤوس الشعب " بقدمه" ، وأنت من انحنى الكبار لحذائه ، وأنت من أبكيت ربات الخدور ، وأضحكت علينا الناس عبر العصور .


4. أما إن كنت نديم أمير ، وصديق وزير ، مع بعض مواهب الشعر والقلطة ، ولك شيلات في كل محطة ، فأنت فوق القانون ، ولا يطبق عليك الشرع المصون ، كيف لا وأنت من يؤنس الكبار ، ويعرف اسمه الصغار ، فافعل ما شئت ، وتصرف كيفما أردت ، حتى لو كان ما أردت يسود وجه قبيلة ، وتعير به عشيرة ، ويفرح به العدو ، ويضيق به صدر المحب ، ولا يضيرك المحتسب الحسود ، ولا رجل الأمن الحقود ، فهم أعداء المواهب ، ومسببي المصائب! .


5. أما إن كنت من أهل الإعلام ، فخصومك مهما فعلت ظلام ، فحملة إعلامية واحدة ، تجعلك المظلوم ، وتجعل الحق دوماً على الخصوم ، حتى وإن قال القضاء كلمته ، فاعلم أن للإعلام صولته وجولته ، فلو سخرت بأحكام الله ورسوله ، ولو طال كلامك المقدسات كالقرآن والسنة ، جعلوا خصمك أحادي النظرة ، وإقصائي الفكرة ، ورجعي المبادئ ، وجعلوك شهيد حرية الكلمة ، وسجين حرية الرأي ، أما إن وصل قلمك إلى حقوق الناس الخاصة ، فسبيت وشتمت ، وكذبت وافتريت ، فستعدل قوانين الدولة ، وقوانين قضائها المستقل ، حتى يكون لك معاملة خاصة ، وآليات تحمي مشاعرك الحساسة ، وربما صنعوا لك مظلومية تفوق مظلومية الشيعة ، وتتجاوز هولوكست يهود ، فكن صاحب قلم ، وعلى إعلامنا " المحايد " الممحاة .


6. أما إن كنت ذو بشرة صفراء ، وشعرة شقراء ، وعين زرقاء ، فإياك أن تطلب العفو والسماح ، وإياك أن تذرف دمعة تمساح ، فسيأتيك العفو قبل الطلب ، وستعوض عن كل نصب ، وربما حصلت على امتيازات من ذهب .


7. أما إن كنت عالماً ربانياً ، أو محدثاً أثرياً ، أو كنت واعظاً يأسر القلوب ، ويردها لعلام الغيوب ، فإياك والزلل ، واحذر من الخلل ، فخطأك مهما صغر يعرض أمن الدولة للخطر ، وزلتك مهما كانت تهدد سيادة البلد ، حتى وإن كان السبب غيرة على عرض النبي ، أو تشجيع لمجاهد أبي ، واعلم أن العفو في حقك لا يجوز ، وإن دمعت عين الشيخ والعجوز ، وإن احتاجت الأمة لعلمك ، واشتاقت القلوب لوعظك ، ثم اعلم أن العفو عنك ضعف ، وإحسان الظن فيك سخف ، فأنت ممن يدخر للآخرة ، والقوم أصحاب دنيا ، فتنبه !.



فإن طبقت ما مضى ، فلا خوف من أمن أو قضاء ، ولكن الكمال عزيز ، ولو كنت الأمير والعزيز ، لأن هذه النصائح لا تصلح في كل مكان ، فربما ضرب بها عرض الجدران ، فليس لها قيمة في بلاد الكفار ، وإن كنت من أصحاب الشأن وصناع القرار ، فالخصوم عندهم سواسية ، وأحكامهم قاسية ، لا يسلم منها الأمير ، ولا ذو الحظوة الوزير ، فالرئيس في مجلس القضاء ، مثل خصمه سواء بسواء ، وهذا والله ما أعزهم ، وأذل كبارنا وهزهم ، فليتنا منهم نستفيد ، فقد حكم السادةَ العبيدُ .


محبكم كاتب

http://kaaatib.maktoobblog.com/1587497/


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حتى تكوني ليبرالية

المقامة التركية

المثقف بين الأدلجة والدبلجة