المشاركات

عرض المشاركات من مايو, ٢٠٠٨

المثقف بين الأدلجة والدبلجة

من التهم المعلبة الجاهزة التي تلصق بالمثقف المسلم الذي يدافع عن ثوابته وينشر مبادئه أنه " مؤدلج " أي أنه ينطلق من منطلقات عقدية ، وقد ذكرني هذا الاتهام بقصة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها مع الحجاج بن يوسف الثقفي حينما عيرها " بذات النطاقين " مع جهله بسبب التسمية وكان يحسبها مذمة فردت عليه متمثلةً قول الشاعر : يعيرني الواشون أني أحبها ..... وتلك شكاة ظاهر عنك عارها . فهنيئاً لكل مؤدلج بهذه التهمة الجميلة والتي هي أعز ما تفتخر به وأثمن ما تملك ، فليتنا نعير ونتهم بما نحب حتى نسلم من أذى من يعيرنا ويتهمنا ، حتى تتحول مسبة الأحمق وتعييره مدحة يخلدها التاريخ ، وشهادة من الخصوم على ثباتنا على معتقداتنا و" أيدلوجيتنا " كما يقولون . ولكن السؤال المهم الذي يجب أن يطرح .. ما منطلقات القوم ؟ وما مبادئهم ؟ ، وما منابعهم التي يستقون منها أفكارهم ؟؟؟ أهي أفكار تمليها عليهم قيمهم التي تربوا عليها ، ودينهم الذي يدينون به ، وتثور ثائرتهم إذا اتهموا بالخروج منه والردة عنه ؟؟. أم أنها أفكار مستوردة دخيلة على أقوامهم وبني جلدتهم ، وبعيدة كل البعد عن مسلمات وثوابت دين

تركي الدخيل الوجه الآخر

تركي الدخيل ...الوجه الآخر يحاول الإنسان أن يُبسّط الأحداث والوقائع، ويجعلها تمر بسياقها الطبيعي دون أي محاولة للربط والمقارنة، وإن تكررت الوقائع المشبوهة، وتشابهت في بعض الجوانب ، ويسعى المسلم دوماً لتقديم حسن الظن ، ليعيش هادئ البال طيب النفس ، فسوء الظن، والتفسير السيئ للأحداث له أثره السلبي على صاحبه أكثر من أثره على غيره من الناس . لكن الأدوار المشبوهة والمفضوحة من بعض الشخصيات والمؤسسات ، تجعل الإنسان يتخلى عن راحة باله، وهدوء نفسه، حتى لا يكون أحمقاً خالصاً يستمتع كل خَب بخداعه، والضحك على ما تبقى من ذقنه . من هذه الشخصيات النشطة في ما تهدف إليه ، والمثابرة في نشر ما تؤمن به " تركي الدخيل "، الصحفي الحالي، والصحوي السابق، أو كما يحب أن يسميهم البعض (مخلفات الصحوة ) ، فقد ارتبط اسم هذا الرجل بعدة جهات مشبوهة، تمارس أدوار مفضوحة في تجنيد المجتمع السعودي ـ والشباب خصوصاً ـ للمشروع الأمريكي الكبير والجديد و... وغيرها من مسميات كونداليزا رايس وعبيدها من (الأحرار سابقاً ) . فقد ارتبط اسم ( تركي الدخيل ) بمجلة ايلاف، سيئة السمعة، كأحد المؤسسين ـ كما ذكر ذلك في موقعه الرسمي

كفار قريش ومهرجوا الصحافة السعودية

أدنى إطلاع على السيرة النبوية الشريفة يبين لنا أن كفار قريش فهموا معنى كلمة التوحيد " لا إله إلا الله " فهماً عميقاً ، ففهموا أنها لا تطلب منهم الإيمان بالله فحسب بل والكفر بكل معبوداتهم والتخلي عن جميع أصنامهم وأوثانهم ، وهذا الفهم دعاهم إلى الكفر بها بل والموت في سبيل حربها حتى ألقوا خاسئين في قليب بدر . ولو فهم كفار قريش من " لا إله إلا الله " ما فهمه هؤلاء ، لكانوا من السابقين الأولين ، ولرأيتهم في عداد الأصحاب المقربين ، لأنها بهذا الفهم لا تزاحم معتقداتهم الباطلة وآلهتهم المزعومة ، ولا ننسى أن كثيراً منهم كان يؤمن بالله رباً لكنه أشرك معه غيره في صرف العبادة ، فلم تكن عبادتهم لله سبحانه خالصة . فكتابنا النجباء فهموا من " لا إله إلا الله " ما لم يفهمه كفار قريش ـ وهم العرب الأقحاح ـ من أبلغ البلغاء وأفصح الفصحاء وخاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم ، فزعموا أن الإيمان بها لا يلزم منه الكفر بغيرها ، ولا اعتقاد كفر من لم يؤمن بها !! ، وكأنهم لم يقرؤوا القرآن يوماً من الدهر ، ولم تلامس آياته (آذانهم) ساعة من نهار . ـــ قلت آذانهم ولم أقل قلوبهم لأن آي

أيهما أخطر الكفر أم التكفير؟؟؟

والله إن الإنسان ليعجب من التناقض الغريب الذي نشاهده في الساحة الثقافية والإعلامية السعودية ، فتجد من يكتب الكفر المحض ، ومن يتلفظ بالشرك الذي لا شك فيه ، ومن يحرف معنى كلمة التوحيد ، بدون أي اعتراض من صحفيينا الأفاضل ، وبدون أي تعليق من كتاب أعمدتنا النحيلة والسمينة ، وما أن يبين علماء العقيدة الحكم الشرعي في مثل هذا التجديف والزيغ وهم أصحاب الاختصاص في الأديان والمذاهب والعقائد ، وهم من نالوا الدرجات العلمية العالية في هذه التخصصات الدقيقة حتى نجد التعليقات الساخرة والتعقيبات المشبوهة والاستعداء الممجوج من قبل إعلام بلاد التوحيد وبلاد الحرمين الشريفين !!!! والسؤال الذي أتمنى أن أجد له جواباً .. أين تعقيباتهم واستعداءهم للسلطة ولسادتهم من الدول الأخرى ، وأين غضبتهم وإنكارهم ممن وقع في الكفر ، وتجاوز الحد ، وأراد أن يخلط الإسلام بغيره من الأديان المحرفة والوثنيات المبدلة ، في تلبيس غبي ، وحيلة حمقاء ؟!!! فإن كانوا يعتقدون خطورة التكفير ، فليعلموا أننا نوافقهم إن كان التكفير صادراً من جاهل حاقد ، أو في حق مسلم لم يفعل الكفر ولم يتلفظ به ، أما إن كان التكفير من أهل العلم والاختصاص ، وف

حتى تكون شاعر المليون

لا زالت سلسلة " حتى تكون " مستمرة ، برؤية مستنيرة حرة ، تنير لك الدرب ، في السلم والحرب ، حتى تتقن مفاتيح الفنون ،وتشنف الآذان وتبهر العيون ، وتبتعد عن العجلة والارتجال ، فليستا من جميل الخصال ، فلابد من التأني والإتقان ، فهما لكل ناجح عنوان ، ولن تتقن ما تريد ، حتى تتابع الجديد ، من سلسلة " حتى تكون " ، فهي نعم الرفيق ونعم العون ، فقد سارت بتوجيهاتها الركبان ، وانتفع بها مجانين الإنس وعقلاء الجان . واليوم نقدم هذه الوصايا ، بعد معرفة الأسرار والخبايا ، لشاعر المليون ، الذي أسر الألباب والعيون ، مع قفشات ساخرة ، تطرب كل شاعر وشاعرة ، حتى تصفق لكم الجماهير ، وتكونوا من المشاهير ، وحتى لا ترجعوا بخفي حنين ، وتخسروا الدنيا كما خسرتم الدين . 1. عليك أن تتقن فن اللعق ، وتبادر بالسبق ، لتلعق أكبر حذاء ، قبل أن يسبقك الشعراء ، وعليك بأحذية الأموات ، فهم القدوات ، فإن لم تجد لهم أحذية ، فعليك بنعالهم البالية ، فهي معتقة ، وبالبركات مشرقة ، وإياك أن تترك لمن بعدك مجالاً للعق ، فالتحكيم ينافسون على السبق ، فما أن تمدح أو تلعق حذاءً ، حتى تجدهم قد عقبواً ولعقوا واستجدوا

المقامة النجفية

زارني خالد بن يزيد ، بعد قدومه من سفر بعيد ، فحدثني عن مدينة رآها ، هاله مرآها ، عظمت فيها القبور ، وسُجد فيها للمقبور ، هُجرت مساجدها ، وعُمرت مراقدها ، يُستغاث فيها بالأموات ، وتُقدَّم عند قبورها القربات ، يُعبِّدون أسماءهم للرجال ، ويتركون اسم ذي الجلال ، يُحلف فيها بالبشر ، مخالفين الكتاب والأثر . والأدهى من ذلك ، ما يحدث هنالك ، من طقوس غريبة ، في الليلة العجيبة ، ففي ليلة عاشوراء ، ترى أشباه ابن باعوراء ، فترى العجائب ، وتسمع الغرائب ، ترى جموعاً كثيرة ، وأفعالاً مثيرة ، ترى من يضرب نفسه ، ومن يشج رأسه ، فتسمع النواح ، وقبله الصياح ، يلطمون الخدود ، ويسلخون الجلود ، حتى تسيل الدماء ، من رجالهم والإماء ، يتجرعون العذاب والآلام ، من مئات السنين والأعوام ، على جرم لم يرتكبوه ، وذنب لم يفعلوه . ينتظرون الغائب المنتظر ، والإمام المعتبر ، ينتظرون خروجه من السرداب ، في قصة ضحكت منها البهائم والدواب ، وبعد أن طالت غيبته ، احتارت شيعته ، فقد علقوا بعودته الأحكام ، وتعطلت بغيبته مصالح الأنام ، فابتدعوا معتقداً يهدم أساس مذهبهم ، وشريعة تناقض أصول منهجهم ، فبعدما قالوا بضرورة الإمام ، وح

إلى هيلاري كلينتون وبلا تحية

إلى هيلاري كلنتون وبلاتحية سمعنا بصرختك المدوية ، وغيرتك الغير مسبوقة ، واهتمامك الملفت بشأننا الداخلي ، وقضايانا المحلية ، والتي أثارت استغراب الكثير من مواطنينا ، وجلبت الظنون والوساوس إلى أذهان الكثير منهم ، بخصوص فوزك بالانتخبات الرئاسية والذي لن يحصل بمشيئة الله . فلو كانت غيرتك بسبب خيانات زوجك المتتالية ، مع موظفات بسن بناته ، فهذا شأنك . وأن تغضبي لانتهاك حقوق الكلاب والقطط والفئران ، فهذه عاداتكم . وأن تنادي بحقوق السود والعدل في أجور النساء فهذه نقبلها . وأن تذرفي الدمع على الانتحار الجماعي للحيتان فيمكن أنصدقها . ولكن أن تتظاهري بالاهتمام بنا وببلادنا وبأعراضنا !!!! فلا وألف لا... أتدرين لماذا ؟؟؟؟ لأنك لم تذرفي دمعة على فضائح سجن أبو غريب البئيس ، والذي سارت بخبره الركبان ، وسيدونه التاريخ ، كوصمة عار ، في تاريخ الحضارة الغربية . ولأنك لم تغاري على عرض عبير الجنابي والذي توالى على اغتصابها شرذمة من أذنابكم في بلد الخلافة . ولأنك غضيت الطرف عن مئات الآلاف من القتلى في أفغانستان ، وعن ما يزيد عن مليون قتيل في العراق ، أما الجرحى والمعاقين ، والأيتام والأرامل فضعف ه

حتى تكون كاتباً روائياً

لكل فنان زمان ، ولكل فارس ميدان ، فمن الذكاء ، والكياسة والدهاء ، أن يكون إبداعك ، فيما فيه إسعادك ، فتصرف همتك ، وتتوافق موهبتك ، مع متطلبات سوق الأدب ، فتهون على نفسك التعب ، حتى تكون فارس الميدان ، وفنان الزمان ، فيكثر الأتباع ، ويتجمهر حولك الأشياع ، فتصير رمزاً وطنياً ، ونبيلاً غنياً ، وربما تحولت إلى ثروة قومية ، وشخصية كارزمية .وكل هذا لن يكون ، حتى تختار فن الفنون ، وثقافة القرون ، الفن الذي اكتسح العصر ، وفاق النثر والشعر ، فسلب الألباب ، وأشغل الكتاب ، فصار الفن المقدّم ، على كل ما تقدّم ، ألا وهو فن الرواية ـ جُنبت الزيغ والغواية ـ فهي الفن الذي اخترق الثقافات ، وهدد هزيل الديانات ، فقراءة الروايات ، صارت أهم الهوايات ، فما أن تُكتب في الشرق رواية ، حتى ينشر لها في الغرب ألف دعاية ودعاية ، فقد تخطت حواجز الثقافات ، وعوائق الألسن واللغات ، وما رواية "هاري بوتر" عنا ببعيد ، فقد تقاتل الناس على جزئها الجديد ، أما رباعية "دان براون" الشهيرة ـ وأخص " الشيفرة " المثيرة ـ ، فهي أكبر دليل ، وأصدق من أي تحليل ، على أنها الأدب المرغوب ، لكل الشعوب .أما عا

" من العبد الفقير...... إلى...... سعادة السفير "

سعادة السفير القدير ، قائد لواء التجديد والتنوير ، أكتب إليك هذه الكلمات ، بعد طول المعاناة ، وكثرة الدموع والآهات ، أكتبها لعلها تلامس من قلبك شغافه ، ومن ذهنك أطرافه ، لعلك تنظر إلي بعين الرحمة والعطف ، وعين الرضا واللطف .سعادة السفير ، بدأت معاناتي من بداية إعجابي بكم! ، وانبهاري بحضارتكم ، فشمس حضارتكم بددت ظلمات الحضارات ، وبريق تقدمكم أشرقت به الظلمات ، مما جعلني أسخّر قلمي لخدمتكم ، ولساني للذود عنكم ، وفكري لإبراز حضارتكم ، فأصدح بمديحكم في كل ندوة ، وأناضل عنكم في كل منتدى ، فقد حاربت لأجلكم كل ذي فكر إسلامي ، وكل ذي فكر متنامي ، فأكيل لهم التهم ، ورضاكم هو الهم ، وأشكك في وطنيتهم ، وبلادكم هي الحلم ، وأسعى لتقييد حرياتهم ، لأخلد في فردوس حريتكم الأبدي ، وسربت إليكم أسرار مجتمعي ، وهموم أمتي ، وخذلت عنكم ، وبشرت بكم ، فكنت عينكم الساهرة ، وأذنكم الصادقة ، بل ويدكم التي لا تعصاكم ، ورجلكم التي لا تتعداكم .سعادة السفير : كنت أكتب في شمس حضارتكم المقال ، فيثار حولي القيل والقال ، فمن قائل : هذا عميل ، ومن قائل : بل أجير ذليل ، فالكبار يطالبون بالمحاكمة ، والصغار يتوعدون با

مقامة خالد بن يزيد وحلقات تحفيظ القرآن

خالد بن يزيد و" حلقات تحفيظ القرآن " حدثني خالد بن يزيد بحديث فيه تجديد ، حدثني عن عصرنا ، وبعده عن سلفنا ، فأخذ يذكر عيوبه وسيئاته ، ويكثر من إيراد سلبياته ، حتى كرهت نفسي ، وشح علي نَفَسي ، فضاق الصدر ، وتمنيت الموت والقبر ، فأردت أن ألجمه ، وعن منجزاتنا أكلمه ، فلم أجد ما به أفتخر ، ويرفعني عليه فأنتصر ، إلا شباب القرآن ، وخاصة الرحمن ، " طلاب الحلق " حفاظ الرعد والفلق ، فحدثته عن ملازمتهم للذكر ، وحرصهم على البر ، وعن لزومهم الجماعة ، وسمعهم لربهم والطاعة ، حدثته عن دويهم بالقرآن ، وحفظهم له بإتقان ، يرجّعون الآيات ، ويفهمون المحكمات ، أثر القرآن عليهم بين ، وسرد الورد عليهم هين ، أثر الدين عليهم ظاهر ، وإلى ربهم السرائر ، ويغضون عن المحرمات البصر ، ويديمون في التفاسير النظر ، تعلقت قلوبهم بالمساجد ، فتراهم مابين راكع وساجد ، ونشئو على طاعة الله ، لعلهم ممن يظلهم الله ، تراهم ... فتعرفهم بسيماهم ، تعرفهم بالتزام السنة ، ودوام شكرهم لذي المنة ، تعرفهم بدوام التعبد ، وصلاة الضحى والتهجد ، فقد أحيوا سير الأسلاف ، وجانبوا دروب الغواية والاختلاف ، فقد جمعوا بين ال

حتى تكون مواطناً خالصاً

حتى تكون مواطناً خالصاً إن تعريف الواضحات ، وتبيين البينات ، من أعضل المعضلات ، فمن الصعب أن تجد تعريفاً سهلاً لـ"الإنسان" ، مع أنه أنت ، ومهما وجدت تعريفاً منضبطاً لهذا المخلوق الفضائي ، فلن يكون تعريفك له أسهل وأوضح من هذه الكلمة " الإنسان " ، وهذا المثال الصغير ، يبين الخلاف الكبير حول معنى كلمة " الوطن " وماهية وحقيقة "المواطنة" ، خصوصاً بعد مظاهر الاحتفال باليوم الوطني المجيد . لذا سوف أهديك هدية تحوي مآل فكري ، وأطراف ذهني ، ونتيجة تأملي ، وختام تفكري في معنى الوطن والوطنية ، فقد سبكتها لك على شكل وصايا ، فإن طبقتها كنت مواطناً وطنياً ، وإن أهملتها كنت عميلاً أجنبياً ، وسميتها "الوصايا الجياد في معرفة حق الوطن على العباد "وهي مساهمة بسيطة ، حتى لا تختزل الوطن في رسمٍ على خريطة ، وحتى تواكب العصر ، وتلاحق الدهر ، وتسابق الزمن ، وتكون حقاً من أبناء الوطن ، فعض عليها بالنواجذ والأضراس ، وكن أكثر حرصاً من طقاقة في أعراس : 1. عليك أن تعرف تاريخ اليوم الوطني ، وتحفظه عن ظهر قلب ، وتحفّظه أبنائك وبناتك ، وخالاتك وعماتك ، حتى تبي

مقامة إبليس مي اجتماع تعيس

إبليس في اجتماع تعيس جمعتني ليلة شاتية ، رياحها عاتية ، بخلي ، وظلي ، والحبيب الأول ، خالد بن يزيد ، الأديب الفريد ، فلا أنس لي إلا بقربه ، ولا سعادة لي إلا بأنسه ، يأتيني بغريب الأخبار ، ونادر الأشعار ، فهو صادق اللهجة ، بهي المهجة . فلما تقشع السحاب ، بدا بدر جميل خلاب ، فرأيت أن نوقد النار ، ونتقى البرد بدثار ، فكانت ليلة سمر ، على ضوء قمر ، ليلة لن أنسى سعدها ، وإن طال بعدها . ومما قلته في تلك الليلة ، من الدهاء والحيلة ، لأستدر ذاكرته ، واستحث همته ، لننهل من أخباره ، ونكشف بعض أسراره . قلت : يا أبا يزيد ، لك من الأسفار العديد ، فأخبرني عن أغرب ما رأيت ، وأعجب ما سمعت ، فلقاء أمثالك يقل ، وحديثك لا يمل . قال : قذفتني الأمواج على جزيرة ، بعد ليلة مريرة ، وعاصفة كبيرة ، بحثت عن صحبي فلم أجد ، لا أحمد ولا محمد ولا حتى حمد ، فسرت بين أحراشها ، فلم أر إلا العصافير وأعشاشها ، فأشجارها تطاول السحاب ، وأنهارها تأسر الألباب ، وبعد طويل التجوال ، والتنقل بين الأدغال ، تيقنت أن وجود البشر فيها محال . وفي ليلة استدار بدرها ، واعتدل جوها ، رأيت شهباً كثيرة ، تسقط على الجزيرة ، فأسرعت إلى مكان

المقامة الحوالية

حدثني خالد بن يزيد ، ولحديثه في أذني ترديد ، يتحدث عن أمانيه ، وما تحبه نفسه وتشتهيه ، يقول : كل أمانيّ نلتها ، وكل أهدافي بلغتها ، إلا أمنية قديمة ، لا زالت في نفسي عظيمة ، أسعى إلى تحقيقها ، والسير في طريقها ، مهما كلف الثمن ، وإن طال الزمن . قلت : أي أمنية تريد ؟ ـ ثم همست ـ أهي حكم واشنطن ومدريد ؟ وجعل بوش من جملة العبيد ، أم أنها بريطانيا العظمى ، فنساؤها ملوك وملوكها دمى ، ـ ثم همست أكثر ـ أما إن كانت الشهادة ، فأنعم بها عبادة ، فهي بداية السعادة . فلما أنهيت كلامي ، وانقضى استفهامي ، قلت : أفصح عن أمنيتك ، قبل دنو منيتك ، لعلي على تحقيقها أساعد ، بنفسي ومالي والساعد . فالتفت إلي وقال : أيها الخليل ، كل ما ذكرت جميل ، فهي أماني ذوي الهمم ، من كل ذي مروءة وشيم ، فمن أجلها تتلف النفوس ، وتنفق الدراهم والفلوس ، يُبتغى بها وجه ذي الجلال ، ربي الكريم المتعال ، وأمنيتي ليست مما ذكرت ، وأسهل مما توقعت ، فقد أبعدت النجعة ، واجتهدت في الفزعة ، فبانت من خلالها أمانيك ، وحسن نواياك وجميل مساعيك. ثم تنهد ، ورفع سبابته وتشهد ، وقال : أمنيت

المقامة الفلسطينية

حدثني أبو الوليد ـ خالد بن يزيد ـ عن رؤيا رآها ، أفزعه مرآها ، أشغلت باله ، وعطلت أعماله ، أشغله تأويلها والبحث عن تعبيرها . يقول : رأيت سوراً كبيراً ، وقفصاً صغيراً ، فالسور.. أحاط بالقفص المذكور ، وفي القفص الصغير ، أسدٌ له زئير ، وضبع قذر حقير ، قد نشبت بينهم معركة ، أظنها مفبركة ، فخلف الضبع ضباع وخنازير ، وقرود تمده بطعام وفير ، وخلف الأسد أشبال ، وأم ترعى الأطفال ، وشيخ يتلو الأنفال ، فالأسد يدافع عن عرينه ، والضبع يؤزه قرينه ، وخلف القفص جماهير ، نساء ورجال مشاهير ، ينتظرون البداية ، ويراهنون على النهاية ، بعضهم يصدح بالتكبير ، وفريق يدير القوارير . وفجأة بدأت المعركة ، بداية غريبة مكركبة ، فالضبع دخل معه ضباع ، ولوحده بقي الأسد الشجاع ، بقي بلا مدد ، إلا نصرة الصمد ، فسالت الدماء ، وتطايرت الأشلاء ، وسمع العواء والزئير ، وارتفع الصراخ والتكبير، فالأسد مع جرحه يقاوم ، والضباع مع كثرتها تساوم ، ينصرها البعيد والغريب ، ويؤيدها عدوها القريب ! ، فهي أجيرة ، خائنة حقيرة ، تنفذ ما يقوله الأسياد ، وإن أهلكوا الحرث والحصاد ، أما صاحبنا الهمام ، فقد أحا

مقامة خالد بن يزيد والهيئات

خالد بن يزيد والهيئات حدثني خالد بن يزيد ، وحديثه كله تغريد ، عن فئة غريبة ، ذوو همة عجيبة ، همهم همنا ، وهدفهم أمننا ، يغارون على الأعراض ، من كل ذي دخن وأمراض ، يأمرون بالمعروف بمعروف ، وينهون عن المنكر بلا منكر ، عددهم قليل ، وعدوهم ذليل ، عُددهم قليلة ، وأعمالهم جليلة ، يهابهم الكبير ، ويحبهم الصغير ، مجاهدون بلا سلاح ، وهدفهم الإصلاح ، ينشرون الفضيلة ، ويحاربون الرذيلة ، يخافهم الفساق ، ويبغضهم أهل النفاق ، رواتبهم زهيدة ، وأعمالهم مجيدة ، يقدمون النصيحة ، ويكرهون الفضيحة ، شعارهم الستر ، وعملهم بالسر ، إلا من هتك بيده ستره ، وأفشى بين الناس أمره ، فهؤلاء عن العافية محرومون ، كما أخبر نبينا المأمون ، "كل أمتي معافى إلا المجاهرون " . أوقفته عن حديثه وقلت : لقد حزرت ، هؤلاء رجال أبي بكر وابن الخطاب ، وعثمان الحيي وعلي الأواب ، أو من المهاجرين والأنصار ، أصحاب رسولنا المختار . قال : بعد ما هز رأسه وأمال ، بل في عصرنا ، وبين ظهرانينا ، يتطاول عليهم الرويبضة ، وتشمت بهم الفويسقة ، يقوّم عملهم كل سربوت ، من زباين بانكوك وبيروت ، بعدما حوصرت شهواتهم ، وحبست نزوا

حتى تكون أحمقاً خالصـاً

حتى تكون للحماقة رمزاً ومثالاً ، وتكون لها مَعلماً وتِمثالاً ، فعليك بهذه الخلال ، وتطبيق هذه الخصال ، فما أكثر من يريد خصالها فلا يجدها ، وتعلم خلالهم فلم يتقنها ، فهذا يطيل شاربه لأمتار ، وذاك ينام على الجمر والنار ، كلهم يريد وصالها ، ومعرفة خصالها ، حتى يشار إليهم بالبنان ، ولا يهم أي بنان ، أهو بنان اليد أو القدم أو بنان اليد اليسرى لفأرة من الفئران ، المهم الشهرة والإشارة ، ولو كان برضع حماره ، فكفيتك البحث والتنقيب ، واستشارة البعيد والقريب ، فما عليك إلا المعرفة والامتثال ، حتى ينصب لك ذلك التمثال ، فتكون مضرب الأمثال ، فما عليك إلا التخلل بهذه الخلال : 1. يجب أن تعتقد أن نصرة المسلمين ، في بلاد الرافدين وفلسطين ، لا تتم حتى نخرب بيوتنا على رؤوسنا ، ونفجر ونحرق مقدراتنا ، وننشر الرعب والخوف في بلادنا ، وإن تسبب ذلك بقتل آلاف المسلمين ، فلا بأس فقد عجلت بهم إلى رب العالمين ! 2. يجب أن تصدق أن من لم يستطع الدفاع عن نفسه ، وعن الأرض التي يتنفس هواءها ، ويشرب ماءها قادر على حماية بلاد بينه وبينها البحار ، والقفار ، ولا يعرفها إلا من خلال نشرات الأخبار. 3. يجب أن ت

مقامة وصايا إبليس

وصايا إبليسية!! حدثني خالد بن يزيد ، وقد جاء من سفر بعيد ، أنه في أحد الأيام ، أخذ يبحث عن منام ، فوجد غاراً مظلماً ، دافئاً مهدماً ، لكنه يقي من المطر ، ويريح من عناء السفر ، يقول : فأخذت أنظف المكان ، وأشعل النيران ، فوجدت قنينة غريبة ، عليها سلاسل عجيبة ، فاستعنت بالله وأزحت السلاسل والأغلال ، لعلي أجد كنزاً أو عملاً من الأعمال ، فأنقذ مسحوراً ، أو أجد ذهباً منثوراً ، ولكني وجدت ورقة ، غمست بماء ومرقة ، فنشفتها ، وحاولت قراءتها ، فوجدتها بالية ، وفيها مساحات خالية ، بسبب المرق والماء ، لكن بقية الورقة تقرأ بعناء ، فقرأتها ووجدت فيها.... من عندريس ، حاجب ابليس ، إلى كل من يراه ، من شياطين الجن والإنس العتاة ، هذه وصايا وتجارب الحكماء ، يجب أن تقرأ وتفهم من ألفها إلى الياء ، وخصوصاً شياطين الإنس الجدد ، فما أكثرهم في هذا البلد . 1. إياك أن تفعل (السيئة) بالسر ، وعليك بالعلانية والجهر ، حتى يكثر المقتدون ، ويقل المهتدون ، فيُعتاد على وجودها ، ولا يُستغرب حدوثها ، فيكثر المساس ، ويقل الإحساس . 2. السيئات رأس مالنا ، وبسببها حدد الله مآلنا ، فعليك بحسن تسويقها ، والدعوة إليها ، فعليك بدع

حتى تكون رافضياً خالصاً

الكيس من عرف اتجاه الرياح ، ليرفع أشرعته تجاهها ، وعرف هوى النفوس ، ليأتيها مما تحب وتهوى ، والرياح في زماننا شرقية ، والهوى شرق ، فالقنبلة النووية شرقية ، والمقاومة اللبنانية شرقية ، وبائعوا العراق شرقيون ، لذا لزم أن نعرف كيف ترفع الأشرعة ، وكيف يوظف الهوى . لذا هذه نصائح لكل ذي قارب وشراع ، ولكل ذي فكر وقلم ، كتبها أبٌ ناصح ، يوصي بها ولده ، لينهل مما نهل منه ، ولينعم ببعض ما تنعم به ، كتبها بعد ما سبر الأغوار ، وعرف الخفايا ، فعض عليها بالنواجذ والأضراس ، وإياك أن يعلم بها الناس ، فلن يصدقوا كصدقهم لبعضهم ، ولن يخلصوا كإخلاصهم لأبنائهم ، حتى تركب الموجه ، وتخوض اللجة ، فتغتنم هبوب الرياح ، وتحمد السرى عند الصباح ، متأملاً قول الشاعر : إذا هبت رياحك فاغتنمها فإن لكل خافقة سكون 1. عليك أن تؤجر عقلك إيجاراً منتهياً بالتمليك للسيد ، وتبيع روحك للآية ، أما الإمام ! فبع له دنياك ، وحظك من الآخرة ـ إن كان لك حظ ـ فهم خلفاء كسرى ، وأولياء الإمام (عج)!! 2. عليك أن تعلم أننا شيعة آل البيت ، وإياك أن تسأل أي بيت ، فلكل زمان بيت ، ولكل عصر قبلة ،

مقامة المعلمة

حدثني خالد بن يزيد ، ذلك الرحالة الفريد ، عن قصة سمعها ، حدثه من جمعها ، قالها وهو يشتكي ، وعلى حفظه يتكي ، يقول : عزمت معلمة على عمل ، بعدما فقدت الأمل ، حينما ضاقت بها الوسيعة ، وصارت حياتها مريعة ، فخططت لتنتحر ، لتنهي ذلك الأسر ، فتوجهت إلى جبل ، بعدما قتلها الملل ، لتستريح من همها ، وتلحق بأمها ، وفي طريقها ، وجدت ما يعيقها ، وجدت جملة من الأواني ، فأخذتها بلا تواني ، تمسح عنها الغبار ، وتقلبها باستمرار ، حتى لفت انتباهها ، مصباح ملقى بجوارها ، فأخذت تمسحه وتتأمله ، ومن جماله كادت تقبله ، فإذا به يضطرب ، ويخرج منه دخان يقترب ، ومن وسط الدخان ، يخرج صوت يصم الآذان : أمرك سيدي ، فروحي لروحك تفتدي . قالت المعلمة : ـ وقد سقطت متألمة ـ من أنت ؟ ومن أي الأجناس كنت ؟ قال : أنا خادم المصباح ، عبدك وضاح . قالت : ـ بعدما أفاقت ـ تنفذ كل أوامري ، حتى تصحيح دفاتري ! قال : أين الدفاتر ، فلست للوقت هادر ، ولكن ما الذي كنت تفعلين ، في هذا المكان اللعين ؟ قالت : جئت لأنتحر ، وفي بطن الأرض أستتر . قال : ولماذا الانتحار ؟ يا لؤلؤة المحار . قالت : ـ بعدما تنهدت ـ تكالبت علي المصائب

حتى تكون ليبرالياً خالصاً

لكل عصر رجال ، ولكل رجال خصال ، ومن العقل موافقة خصالك متطلبات عصرك ، فمن الحمق أن يعيش أحد في زمن الخلفاء ولم يكن من الصالحين الحنفاء ، وأحمق من ذاك من عاش في عصر بني أمية ، ولم يشارك في غزوة أو سرية ، أما من أدرك عصر بني العباس ، ولم يتغنى بشعره الناس ، فموته خير من حياته ، والأدهى من ذلك والأمر ، من أدرك تسعينات القرن الميلادي الماضي ، ولم يكن في ركب الصحوة ماضي. ولئن سالت عن خلال هذا الدهر ، ورجال هذا العصر، لقلت وما ترددت : الليبرالية..والليبراليون ، فهم رجال المرحلة ، وهي مرحلة الرجال ، ومن الدهاء ، والفطنة والذكاء ، أن تعرف تلك الخلال ، وتفهم تلك الخصال ، فلولاها ..لم يكن للقوم عند العدو منزلة ، ولم يعرفوا السفير ويلجوا منزله . لهذا وجب على كل عاقل ، أراد أن يصل إلى تلك المنازل ، أن يتأمل هذه النصائح ، فعبق الدهاء منها فائح ، أما الخبرة والتجربة ، فهي وربهم مجربة ، ولا تخف من صعوبة الأمر ، فهي أسهل من قشطة على تمر ـ خصوصاً إذا كانت القشطة المراعي والتمر خلاص ـ فلك عليها أعوان ، هم نفسك ، والهوى ، والشيطان ، ولا يخيفك كونها نفاق ،

كتشافات رمضانية

بما أني أحد العلماء الأجلاء، والأدباء الفضلاء ، يسرني أن أقدم لكم ، الجديد من اكتشافات أستاذكم ، خصوصاً في شهر التجليات ، والفتوحات ، والإلهامات ، حتى لا أطيل ، وأكون للظل ثقيل ، أقدم لكم "الاكتشافات الرمضانية" 1 . اكتشفت حقيقة تلك الأكذوبة والمسمات بالعادات ، والتي نتحجج بها في عدم ترك سيئ الأفعال والأقوال ، فها نحن نترك الطعام والشراب ، واللذان لم اصدق انني أستطيع تركهما يوماً من الأيام . 2.اكتشفت أن في نفوس الكثير منا خيراً عظيماً ، فمهما بعد أحدنا عن ربه ، إلا أنه سريع الأوبة ، قريب التوبة ، حينما يأتي أمر الرب سبحانه ، فالكل صائم ، والكل يصلي التراويح ، وألوان الجود تتنوع ، في ميدان سباق عظيم ، بين أهل الإيمان والإحسان ، جعلنا الله منهم . 3.اكتشفت إن كثيراً منا يملك نفحات جود حاتمي ، فهو يستطيع وبكل سهولة ، أن يلقي كل ما في محفظته ، في سبيل أطنان من شوربة الشايب ، والفيمتو ، والمكرونة ، والجلي ، ولكن هل يشاركنا فيها الفقراء والجيران ؟ 4.اكتشفت أن الشيطان قبل توديعه لنا حيث أصفاده قد ربى جيلاً رائعاً من الأحفاد قد فاقوا سيدهم ومربيهم في نشر الفاحشة بين الذين آمنوا ، و

المقامة الرمضانية

حدثني الثقة ، ذو الحب والمقة ـ أبو عبيد العابد ، ابن يزيد خالد ـ حدثني قائلاً ، وبدا متسائلاً : شهر الصيام أقبل ، ولم أرى من يعمل ، عملاً يدل على تعظيمه ، واحترامه وتكريمه ، فلم أرى إلا شباك الطائرة ، والاستراحات الساهرة ، ساهرة على مسلسل ، بحضرة المعسل ، أو على الأغاني ، وتمايل الغواني ، فهم خلفوا الشيطان ، بالفجور والطغيان ، فلما صفد إمامهم ، سدوا مكانه لا أبا لهم . ومنهم من لم يفقه من الصيام ، شهر الجود والقيام ، إلا الفيمتو والسنبوسة ، والشوربة الملحوسة ، أما الحلى والجلي ، فهي أثمن من الطلي ، أما المرق والثريد ، فلم يؤثر فيهما التجديد ، كأنهم قبله في مجاعة ، أو يحسبون الأكل طاعة ، ومنهم من تزودوا بخير زاد ، فهم والله خيرة العباد ، انشغلوا بالذكر ، لربهم والبر ، لازموا المساجد ، بين راكع وساجد ، يتدبرون المثاني ، ويتأملون المعاني ، يتفقدون الفقير ، ويدعون للأسير ، يقومون على اليتيم ، والأرملة الكليم ، يدعون للفضيلة ، أنعم بهم سليلة ، يفطرون الصائم ، ويعينون القائم ، ينفقون الجزيلة ، بخفية وحيلة ، يرجون عظيم الجزاء ، من ربهم ذي السخاء . قلت : يا أبا يزيد ، أتيت بالمفيد ، فبما تن

المقامة اللبنانية

حدثني خالد بن يزيد ، والحسرة في قلبه تزيد ، فقد أحزنته لبنان ، وما فيها من النيران ، وتزايد الظلم والعدوان ، يقول عن تلك الحادثة : أنها مصيبة وكارثة ، أحرقت الأخضر واليابس ، وفساتين السهرة والملابس ، دمرت المنازل والبيوت ، وكباريهات بيروت ، لم يسلم من نارها الصغير ، وذي الشيبة الكبير ، لم تسلم الطاهرة ، من نارهم والعاهرة ، فالكل عندهم مقصود ، حتى نانسي ولحود ، أما الحريري والسنيورة ، وصباح الشحرورة ، وفيروز الأمورة ، فدماؤهم مهدورة ، فهم (اليهود) يرون غيرهم حقير، بل ومن زمرة الحمير ، كذا يقول تلمودهم ، فهو ربهم ومعبودهم . والأدهى من ذلك والأمر ، موقف من ولاه الله الأمر ، حتى الشجب والنكير ، على إخواننا كثير ، فلبنان تحترق ، وآراؤنا تفترق ، لم نجتمع على عدو ، حواضرنا والبدو ، كاجتماعنا على عداوة يهود ، خونة العهود ، ومبدلي التوراة بالتلمود، ثم لا يجد إخواننا شهماً ينتخي ، بالأخت أو بالأخ ، ، يدفع عنهم الطغيان ، ولو بنطحة زيدان ، حتى أسند الأمر كله ، دقه وجلة ، لزمرة مريبة أعمالها عجيبة ، أعني بهم عابدوا البشر ، والأئمة الإثنى عشر ، فصاروا هم القادة ، لحربنا والسادة ، وقديماً قال الحكماء

الاعدام الاجتماعي

من ظلم الشعوب والمجتمعات لأنفسها الحكم على بعض أفرادها " بالإعدام الاجتماعي" لا تزوجه ، ولا تتزوج منه ، وبعض الغلاة لا يجالسونه ، ولا يكالمونه ، ويعتقدون أنه بمرتبه أدنى من مرتبتهم ، ولو اتصف بكل ما يوجب الاحترام من خلق ، ودين ، وحتى المال ، والمنصب . ولو كانت كل هذه الأحكام القاسية بمبرر معقول ، أو من عاقل مسئول ، ولو واحد بالمائة لقلنا : وجهة نظر ، وثقافة شعوب ، ولكن الواقع يثبت عكس ذلك ، فالواقع يثبت أن من امتهن مهنة شريفة ، بجهد يده ، وعرق جبينه ، تحفظه من مسألة الخلق ، والمتاجرة بالعرض ، يعد مُمْتهنها من البشر الأقل كرامة ، والأقل آدمية ، والأقل حقوقاً ، لماذا هذا كله ؟ لأنها لا تروق لأمزجة بعض الحمقى ، ممن أكل الزمن وشرب وبال و... ، على أفكارهم . ليت الأمر يقف عند هذا فحسب لهانت المصيبة ـ وليست وربي بهينة ـ بل تعداه إلى تعظيم وتبجيل بعض قطاع الطرق ، وسفاكي الدماء ، ولصوص الصحراء ، ونظم القصائد في مديحهم ، وتبجيلهم ، وتعظيمهم ، مع أن جبار السماوات والأرض يلعن صنيعهم ويسفه أفعالهم . فإن قلت : إن أفعال هؤلاء سببها الجهل المخيم على تلك العصور المظلمة ، وطبيعة المجتمع ، لقلت

عشر نصائح للمقدمين على الزواج

بما أني أحد الخبراء ، الأذكياء ، الوجهاء ، النبلاء ، الشرفاء ، ولست من البلهاء ، الأغبياء ، الأدعياء ، السفهاء ، يسرني أن أقدم لكم عظيم خبرتي ، ونادر تجربتي ، في فنون الحياة الزوجية ، ودهاليزها السرية ، وأقبيتها الخفية ، يسرني أن أقدم لكم هذه الوصفة السحرية ، والوصايا الذكية ، من كاتب عريق ، ذو نفس عميق ، وحتى لا أطيل ، وأكثر التهويل ، أضع بين يديك بُنَيَّات الفكر ، منظومة كالدر ، بأسلوب سهل ، تقرأه على مهل ، يرسم البسمة ، ويزيل العتمة ، فتأمل بلا تململ : 1. اقرأ كل كتاب ، أو مقال ، واسمع كل شريط ، أو برنامج ، أو نصيحة، تقدم لــ: "المقبلات" على الزواج ! حتى تعرف خطط القوم ، وتكتيكاتهم العسكرية ، وخططهم الإستراتيجية .حتى تسلم من عنصر المفاجأة الذي يدهور الكثير من شبابنا في بدايات الزواج ، وخصوصاً ليلة الدخلة . 2. حاول أن تعرف ، خصمك وعدوك في هذه الحرب الضروس ، وكأنك مقبل على البسوس ، كيف يفكر ، وكيف ينظر ، هل هو ممن تقطب له حجاجك الأيسر وترخي الأيمن ، أم العكس ، أم كلاهما ، لأنك مقطب مقطب "بس" حاول تعرف أي الحجاجين المستخدم في عملية التقطيب ، واحذر أن تقطب بحجاج لا

حدث في صالة الأسهم

حدثني خالد بن يزيد ، ـ منحه ربي من العمر المزيد ـ حدثني عن حادثة عجيبة غريبة ، لولا صدقه لقلت أنها مريبة ، ولكنه عودني على الصدق ، وألا يقول من الأخبار غير الحق ، هكذا عرفته ، ولذا صحبته ، فهو رفيق بالصديق ، وصادق للرفيق ، يقول : دخلت يوماً صالة ، في أحد البنوك أبحث عن حوالة ، فرأيت ما لم أره في حياتي ، ولم يكن يوماً من أمنياتي ، رأيت شاشات كثيرة ، صغيرة وأخرى كبيرة ، تذكرني كل شاشة ، بمسلسل قماشة ، عند كل واحدة ، شلة و مائدة ، عيونهم مسمرة ، ووجوههم محمرة ، كلهم إليها ناظرون! ، وفيها يتأملون !، أهو صنم جديد ؟، وهؤلاء هم العبيد ؟ وأنا بينهم أتأمل ، ولم أر منهم من تململ ، فإذا بالشاشات غشاها لون أحمر ، فوقف كل من حولي وتسمر!!، فرفع أحدهم صوته بالعويل ، ينادي الرحمة يا جليل ، فرد عليه آخر ، من اللي يضحك في الآخر ، جلست عند أحدهم ، يواسيهم ويهدهدهم !! ، يصّبر من نفذ صبره ، ويغطي من انكشف ستره ، يضمد المجروح ، وينصر المطروح ، سألته عن أسباب هذا الهرج ، فقال : نسأل الله الفرج ، شدة ستزول ، هذا هو المأمول ، قلت أخبرني عن هذا المكان ، وعن شيبه والغلمان ، قال ـ وليته ما قال ـ : هنا تسكب العبر

مقامة المعلم

حدثني من به أثق ومع رأيه أتفق ، أعني به الأديب الفريد ، خالد بن يزيد ، يقول كنت يوماً طالباً ، مشاكساً مشاغباً ، في مدرسة شهيرة ، أحوالها مثيرة ، طلابها همج ، ومديرها خمج ، لي فيها طرائف ، كثيرة المواقف ، وفي يوم من أيامها السعيدة ، من مدة مديدة ، وكنت حينها في الفصل ، ((أقصع)) جول قمل ، إذ دخل علينا مديرنا ، وكان شكله يثيرنا ، كبير سن أحمق ، كأنه الشمقمق ، فقال وهو واثق ، أقدم أخي المرافق ، أستاذكم القدير ، والمعلم النحرير ، جاءنا مدرباً ، عن أهله مغترباً ، فإياكم والإهانة ، لشخصه والميانة ، أكرموا قدومه ، واستفيدوا من علومه ، فهذه أخلاقكم ، ومن قديم أسلافكم ، كانوا مضرب المثل ، في العلم والعمل ، فعندما خرج ، قلت هذا وربي الفرج ، فدخل ذاك ((الكشخه)) ، وقد نصبت فخه ، فلما على الكرسي جلس ، كأنه فارس بلا فرس ، فقال : يا أبنائي ، تحملوا إنشائي ، فأنا معلم جديد ، ومنكم نستفيد ، فكان في غاية التواضع ، كأنه معنا راضع ، أسر القلوب ، وستر العيوب ، وأحسن التعليم ، وأجاد التفهيم ، حتى تمنيت بقاءه ، وندمت على الإساءة ، قد تستغرب وما الإساءة ؟؟ فقد جعلت على الكرسي ، بتكس به السفن ترسي ، فلما