حتى تكون ليبرالياً خالصاً




لكل عصر رجال ، ولكل رجال خصال ، ومن العقل موافقة خصالك متطلبات عصرك ، فمن الحمق أن يعيش أحد في زمن الخلفاء ولم يكن من الصالحين الحنفاء ، وأحمق من ذاك من عاش في عصر بني أمية ، ولم يشارك في غزوة أو سرية ، أما من أدرك عصر بني العباس ، ولم يتغنى بشعره الناس ، فموته خير من حياته ، والأدهى من ذلك والأمر ، من أدرك تسعينات القرن الميلادي الماضي ، ولم يكن في ركب الصحوة ماضي.

ولئن سالت عن خلال هذا الدهر ، ورجال هذا العصر، لقلت وما ترددت : الليبرالية..والليبراليون ، فهم رجال المرحلة ، وهي مرحلة الرجال ، ومن الدهاء ، والفطنة والذكاء ، أن تعرف تلك الخلال ، وتفهم تلك الخصال ، فلولاها ..لم يكن للقوم عند العدو منزلة ، ولم يعرفوا السفير ويلجوا منزله .

لهذا وجب على كل عاقل ، أراد أن يصل إلى تلك المنازل ، أن يتأمل هذه النصائح ، فعبق الدهاء منها فائح ، أما الخبرة والتجربة ، فهي وربهم مجربة ، ولا تخف من صعوبة الأمر ، فهي أسهل من قشطة على تمر ـ خصوصاً إذا كانت القشطة المراعي والتمر خلاص ـ فلك عليها أعوان ، هم نفسك ، والهوى ، والشيطان ، ولا يخيفك كونها نفاق ، فقد سبقك إليها الرفاق ، فإليك هذه الدرر ، اتبعها .. واستلهم العبر :

1. أثبت أنك مررت بعدة مراحل ، وانتظمت بعدة تنظيمات ، قبل أن تصل إلى "نيرفانا" الليبرالية ، كأن تكون شيوعياً ، أو قومياً ثورياً ، أو بعثياً عبثياً ، أما إن كنت من فضلات الصحوة ، فلك عند القوم الحظوة ، فلك أن تعلم ويجب أن تفهم أن قيمتك وأهميتك عندهم ليست بسبب حاضرك ، ولكن بما كنت عليه ، أعني به ماضيك ، لذا أكثر من قولك " كنا " "كنت" " مررت " ومررنا " ، وإن استطعت أن تحذف من قاموسك كل فعل مضارع ، فتجعل مكانه الفعل الماضي فافعل ، فهذه نصيحة تعقد عليها الخناصر والبناصر.

2. يجب أن تكون خبيراً ، ولا تسألني عن التخصص ، أو الشهادة ، أو البحوث ، فإعلامنا مصداقيته عالية ، لا يسألك عن شيء ، حتى لو كانت شهاداتك ومؤهلاتك ، "ابتدائي منازل ، أومتوسط ليلي" وما شهرة ابن حزام ، والنقيدان الهمام ، وابن بجاد المقدام ، عنا ببعيد ، أما أبو نتعة ، فهو نسيج وحده، وفريد دهره ، فإياك أن تكون مثله فقد صار مضرب المثل ، في الحماقة والخبل ، فالمهم عند الأسياد ما تحمله من " تجارب " ، فـ"التجارب" جعلت للفأر أثراً كبيراً ، في تطور العلم"التجريبي" الحديث ، فكيف بإنسان "مجرب" .

3. يجب متابعة سياسات ، وكتابات مفكريي القوم ، حتى تعرف وتفهم مايريدونك أن تتذكره ، أو تصنعه من تجاربك الماضية ، فلا مجال للاجتهاد ، فتتذكر ما يخالف سياسة الرئيس أو السفير الجديد ، فتجيب العيد كما يقولون ، وتجربة الجلبي خير درس .

4. عند كتابة المقال ، عليك ببراعة الاستهلال ، وجاذبية العنوان ، أما الباقي ، فخربط كما شئت ، وأطل كما أردت ، فلن يقرأه أحد ، أهم شيء أن تصل "رسالتهم" أقصد رسالتك من أول المقال .

5. بخصوص القنوات فعليك بالمذيعات ، فهن لا يقاطعن ، ولا يدققن ، خصوصاً السعوديات منهن ، الذي يهمهن هو الخروج والتقديم فقط ، فيخرجن معك خير من غيرك ، ولا مانع من البروفات الكثيرة لكل لقاء ، سواء كانت في الأستديو أو خارجه ، فهذا مما يركز عليه الأسياد .

6. هناك منافسون جدد ، استفد منهم قدر المستطاع ، فإن كنا الأصحاب فهم الأتباع، وإياك أن يأكلوا عليكم الجو ، فالسوق لهم يحلو، والسفارات على أبوابهم طوابير ، فأنصحك بمهادنتهم ، ومصالحتهم ، وعقد حلف معهم ، أتدري من هم؟ ،هم ليبراليو اللحى ، أمثال العبد اللزيز موسى العبد العزيز ، وابن محمود الشهير بأديداس ، والمحامي القاسم ، حسن التقاسيم والبراطم ، وهم في زيادة ، نعوذ بالله من القرادة.

7. أما موضوع القيافة فاجعل وجهك كل صباح في نتّافة (تجدها في بعض محلات بيع الدجاج الطازج) ، حتى يكون وجهك كأسفل ظهرك ، فالجمال ليس حكراً على اللبنانيين .

8. عليك بمتابعة الأفلام ، فهن جنة الأحلام ، وهن الفردوس الموعود ،وهن الزاد والوقود ، وهن التطبيق العملي لليبرالية ، والنتيجة الحتمية ، لربلرة المجتمع ، فهي نتاج عقولهم ، وأداء بنينهم وبناتهم ، "ركز لي حبتين على بناتهم "، واستشهد بمقولاتهم بكل محفل ، وكل مقال ، فهذا فن في الدعاية يسمى الإيحاء ، لا يجيده إلا القلة من الشلة .

9. إياك من كثرة التردد على السفارات ، وكثرة المعاريض وطلب الشرهات ، فخوة الأمراء غير ، وصحبة السفراء غير، ويكفيك بالتواصل اتصالاتهم ، وعزائمهم ، خلك ثقل فهم أهل الحاجة ومعدنك قليل ، فأنت أندر من الكبريت الأحمر ، فاعرف قدرك ، أما الدعم المادي ، فما عليك إلا أن تنقطع فترة عن الكتابة ، أو التصريحات ، فإذا سئلت فقل : ظروف مادية أحاول حلها ، وبعدها أبشر بالسعد ، وهذا ما يفعله كثير من الشلة ، ومن طول الغيبات ما جابه إلا كثرة الغنايم.

10. ركز لي حبتين على نقد (الوعاظ ، خطباء الجوامع ، الهيئات ، المناهج ، المرأة ، حلقات التحفيظ ، المراكز الصيفية ) ، فمن أجلها تعقد المؤتمرات ، وتكتب الدراسات ، وهي دم ضروس الأسياد ، فكن خير عين لزلاتهم ، فإن لم تجد فاكتب عما يتوقع وقوعه منهم ، واكتبه بصيغة الماضي ، فهذا من باب التوكيد ، وهذا أسلوب في اللغة ليس بجديد .

هذه أشهر الخصال ، وأهم الخلال ، فمن كانت فيه خصلة منهن ، كانت فيه خصلة من" النفاق " عفواً الليبرالية ، ومن كانت فيه كلها كان "منافقاً" أقصد ليبرالياً خالصاً .



تعليقات

السلام عليكم

يا كاتب والله العظيم اني احبك في الله

واني ضحكت ضحك من قرائتي لموضوعك عن الليبراليه حتى بغيت اطيح من الكرسي ما غير الجدار الي وراي ساعدني بالثبات


ما اقول غير


الله يجزاك خير الجزاء ويثيبك ويسدد خطاك للصراط المستقيم

والله يكفينا شر الليبراليين والعلمانين ومن شابههم من الخونه للدين والبلاد

اشوفك على خير
‏قال على عبدالله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مش هاتصدق لو قولتلك انى كنت بابحث فى النت عن (كيف تكون ليبراليا)!!!!!!
مش لحبى فى الليبرالية ،لكن عشان اعرف الناس دى بتتكلم ازاى ؟؟
وازاى بيقتنعوا بكلامهم ده وفى النهاية عشان اعرف احاورهم
وفعلا هى دى الوصفة السحرية علشان تكون ليبرالى
وعلى فكرة كمان انا كنت محتاج اعمل موضوع زى ده بس للعلمانية ومادام ماحضرتك كتبتو خلاص يكفينا هذا

سعدت بمرورى على مدونتك الجميلة
واسمحلى اضيفك عندى

خالص تحياتى

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حتى تكوني ليبرالية

المقامة التركية

المثقف بين الأدلجة والدبلجة